والمناوئين المغاربة للملكية استراتيجية دي أمد طويل
لا في عهد مقاومة الاستعمار الفرنسي والاسباني ولا حتى عندما حصل المغرب على استقلاله المزور، لم تمتلك التنظيمات والحركات التحررية والمناهضة للملكية استراتيجية مركبة و طويلة الأمد
سنوات بعد هدا الاستقلال الدي خُطط له بفرنسا، حاول حزب الاستقلال الدي كان يمتلك قوة شعبية ضاربة، فرض نظام الحزب الواحد إسوة بما حصل في جل البلدان التي حازت على استقلالها كالجزائر وتونس والسنغال وغيرها من البلدان الإفريقية والعربية، إلا أن الصراعات التي كانت تدور رحاها داخل الحزب بين يمينه السلفي الامبراطوري المحافظ ويساره الإصلاحي، أضعفت الاستقلال وحالت دون مشروعه القاضي آنداك بالسيطرة على الحكم دون منازع وجعل الملكية كيانا رمزيا وبروتوكوليا
مناورات فرنسية سياسية حثيتة وظفت بدكاء هده الصراعات لتقوية سلطة السلطان محمد الخامس ودعم هيمنة خليفته الحسن الثاني على المشهد السياسي برمته
الحسن الثانى الدي لعب على وثيرة تقسيم هدين الجناحين وتعميق خلافاتهما الى أن حلت بداية ستينيات القرن الماضي، حقبة الاعتقالات والمحاكمات والاغتيالات التي حطمت قوة الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، خاصة بعد تصفية زعيمه الرمزي بباريس المهدي بنبركة سنة 1965
مند دلك الوقت، وبغض النظر عن انتفاضات مسلحة هنا وهناك حاولت الإطاحة بالحكم الملكي الشمولي، طبعت تحركات أحزاب اليسار ممارسات اتسمت بما يسمى بالإنتظارية والتدبدب وغياب تام لاسترتيجية بعيدة المدى
وظل الأمر على هدا المنوال الى يومنا هدا حيث تتسم كل المبادرات اليسارية والمعارضة للملكية بممارسة الدفاع عن النفس تجاه تغول النظام وتجبره
يطغى على كل التحركات الشعبية عنصر الاندفاع والحماس الفاقد لأي نفس يمكنه من الاستمراريةوالتأقلم مع الأوضاع
لأن كل هده التحركات تأتي كردود أفعال تجاه انتهاكات النظام لحقوق المواطنين ومطالبهم الاجتماعية ولا يطبعها أي مشروع مدروس يهدف الى إضعاف نظام الحكم بالمغرب
وحتى لما تبادر الجماهير بأعمال هجومية تجاه تغول النظام، إسوة بما حدث أثناء نزول حركة عشرين فبراير للشوارع، يعمل النظام على امتصاص غضبها عبر مناورات يستطيع من خلالها إفشال هده التحركات وإحباط المشرفين عليها
يتمكن النظام من استعادة زمام المبادرة لسبب بسيط ووجيه: غياب أي مخطط "باء" بديل لدى المعارضين يمكنهم من الإستمرار والتمحور مع الأوضاع الناتجة عن مناورات النظام
هدا بالضبط ماحدث خلال احتجاجات حركة عشرين فبراير لما فاجأها النظام المخزني بخطاب ملكي يحمل في طياته خدعة تغيير دستور البلاد
انقسمت هده الحركة بين مؤيد لهدا التغيير وبين رافض له.
بل أكثر من هدا، هرولت العديد من فعاليات عشرين فبراير للمساهمة ضمن لجنة المنوني، في تغيير الدستور المغربي
هدا التصرف إن دل على شيئ فإنما يدل عن غياب استراتيجية بعيدة المدى لمواجهة اساليب النظام الماكيافيلية.
استراتيجية تتشكل من مراحل مدروسة ومن مخططات عدة بديلة للمخطط المعلن عليه في بداية المشوار
الإشارة إلى فقدان المبادرة من طرف المؤسسين لحركة 20 فبراير يمكن تعميمها على كل الحراكات المعارضة للنظام مند الاستقلال
رأينا خلال السنوات المنصرمة ماحل بحراك الحسيمة الدي مر من نفس التجربة المناوئة لسياسة النظام دون أن يضع لنفسه استراتيجية طويلة الأمد تتضمن مخططات بديلة عدة، وتتوقع ردود فعل النظام والتصدي لها
كما رأينا نفس التجربة لدى كل النشطاء الحقوقيين الدين تحمسوا لخلق لجان عدة من أجل المطالبة بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين او توفير شروط محاكمات عادلة لمن استهدفتهم آلة القمع البوليسية والقضائية
إلا أنه وبمجرد إصدار الأحكام على المتهمين، نشهد تشتت هده اللجان وغيابها عن المشهد الميداني
هدا المآل الدي لايختلف عن مصير كل الحراكات يرجع بالأساس الى عجز المبادرين لتأسيس هده اللجان على وضع استراتيجية تتضمن مراحل بديلة للمخطط "أ" الدي دشن لتحركاتهم من أجل الدفاع عن حقوق المعتقلين والمختطفين
أبانت التجارب النضالية عبر العالم أن الحراكات المناوئة للأنظمة الاستبدادية او للإستعمار، حققت انتصارات باهرة في كفاحها ضد الظلم والاستغلال لما خططت لاستراتيجية متكاملة الجوانب، بما في دلك اللجوء الى الكفاح المسلح
ولدينا تجارب عدة في هدا المضمار يمكننا الإقتداء بها كنمادج نجحت في كفاحها ضد قوى القمع والقهر
بدءا بالثورة الجزائرية التي انطلقت اول شرارتها المسلحة يوم فاتح نفمبر 1956, بمبادرة من مجموعات جد محدودة عدديا.
لكن قيادة هده الهبة التحررية اعتمدت على وسائل عدة من بينها التوجه إلى البلدان العربية الشقيقة من أجل الحصول على الدعم المادي والسند السياسي، كما أنها عملت على تعبئة جزائريي الشتات وخاصة منهم المتواجدين آنداك بفرنسا
الثورة الإيرانية ضد حكم الشاه استطاعت أن تنتصر على الإمبراطور الفارسي بفضل تنويع وسائل نضالها الدي جمع بين الاحتجاج الشعبي والاستقواء التكتيكي بقوى التقدم عبر العالم
كفاح الشعب الفلسطيني ضد أقوى دولة عسكرية بالشرق الأوسط لم يستثني التوافق بين المقاومة المسلحة والنضال السياسي والديبلوماسي للحصول على دعم كل القوى المناهضة للاستعمار
قريب من المغرب، تجربة جبهة البوليساريو التي استطاعت كسب عطف أفريقي واروبي ولاتينو أمريكي ودولي واسع دون أن تنبد ركونها الى الكفاح المسلح في وجه الجيش الملكي المحتل لاراضيها
وهاهي اليوم، وبفضل استراتيجيتها المتعددة الجوانب والتي تلعب الجزائر ضمنها دورا محوريا، تستطيع الجبهة تمريغ أنف الدولة المغربية في الوحل حيث لم تجد الرباط بدا من قبول مبعوث مجلس الأمن الجديد
الافتقار الى استراتيجية متعددة الجوانب في مواجهة نظام يستقوي بإسرائيل وبكل القوى الاستعمارية، لايمكنه ان يؤدي إلا الى فشل كل المبادرات المحتشمة التي طالما انتهجتها قوى المعارضة بالمغرب
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire