dimanche 2 novembre 2025

الجزائر تُعيد التوازن داخل مجلس الأمن . ...

 "


هكذا سقطت رواية "الانتصار المغربي" في الصحراء الغربية




خليل الزكندي - إعلامي وكاتب – (بلجيكا)


بين الخطاب السياسي والواقع الميداني في الصحراء الغربية، تكشف التطورات الأخيرة داخل مجلس الأمن عن صراع خفي بين من يسعى إلى تطويع القانون الدولي لخدمة أجنداته، ومن يتمسك بصرامته كدرع يحمي الشعوب من شرعنة الاحتلال


بمجرّد أن بدأت التحضيرات داخل أروقة الأمم المتحدة لتجديد ولاية بعثة "المينورسو" المكلفة بمراقبة وقف إطلاق النار في الصحراء الغربية، دخل النظام المغربي في سباق محموم لتوجيه الرأي العام الدولي والتأثير على مسار النقاشات داخل مجلس الأمن.


 فعبر تعبئة مكثفة لأذرعه السياسية والإعلامية، الرسمية منها والموازية، سعت الرباط إلى تسويق رواية مفادها أن أعضاء المجلس باتوا مقتنعين بأن مقترح الحكم الذاتي الذي قدمه الملك محمد السادس عام 2007 أصبح المرجعية الوحيدة والنهائية لأي تسوية ممكنة للصراع، وأن مرحلة الحديث عن تقرير المصير قد طُويت نهائيا


غير أن هذه الحملة الدعائية، التي شملت تصريحات رسمية وتغريدات منسقة وتحركات في العواصم الغربية، لم تكن سوى محاولة استباقية لتلميع خطاب ملكي مرتقب في ذكرى "المسيرة الخضراء"، أراد النظام من خلاله أن يقدم نفسه أمام الداخل والخارج كمنتصر دبلوماسي حسم الجدل الأممي لصالحه


لكن الواقع داخل مجلس الأمن سلك مسارا مغايرا تماما، إذ أظهرت المشاورات الأولى حول مشروع القرار الأمريكي أن المسودة جاءت منحازة بوضوح للرؤية المغربية، الأمر الذي أثار استياء الجزائر التي سارعت إلى كشف الطابع السياسي للنص واعتبرته خرقا صريحا لقرارات المجلس السابقة ولأسس الشرعية الدولية التي لا تزال تصنف الصحراء الغربية ضمن قضايا تصفية الاستعمار


منذ تلك اللحظة، تحركت الجزائر بفاعلية غير مسبوقة داخل أروقة الأمم المتحدة، مدعومة بعدد من الدول الإفريقية وأمريكا اللاتينية، لتصحيح مسار المشروع الأمريكي ودفعه نحو إعادة التوازن.


 وبفضل دبلوماسية هادئة وفعالة، تمكنت من كسب دعم دول دائمة العضوية وأخرى وازنة، ما أفضى إلى إدخال تعديلات جوهرية أعادت القرار إلى مساره القانوني الأصلي: تأكيد صريح على مبدأ تقرير المصير كحق غير قابل للتنازل، وتراجع واضح لمقترح الحكم الذاتي إلى مستوى ثانوي بوصفه "مبادرة جادة وذات مصداقية" لا أكثر


هذا التحول في النص النهائي مثّل ضربة موجعة للنظام المغربي الذي كان يراهن على استصدار قرار أممي يمنحه اعترافا ضمنيا بسيادته على الإقليم.


 فبعد أسابيع من الضجيج الإعلامي والترويج لانتصار دبلوماسي وشيك، وجد المخزن نفسه أمام وثيقة أممية تذكّره بأن الشرعية الدولية لا تُشترى بالدعاية، وأن مجلس الأمن، رغم تناقضات أعضائه، لم ينزلق نحو شرعنة الاحتلال.


 والمفارقة أن الخطاب الملكي، الذي كان يُفترض أن يُلقى في السادس من نوفمبر بوصفه لحظة "الانتصار الحاسم"، جرى تقديم موعده على عجل في محاولة لامتصاص صدمة فشل الرهان المغربي، إذ أعلن الملك أن المجلس اعتمد الحكم الذاتي "أساسا للحل"، بينما الحقيقة أن هذه الصيغة لم ترد في متن القرار، بل ظهرت فقط في الحيثيات التمهيدية التي لا تحمل قوة إلزامية


بهذا التناقض الواضح، وجد النظام المغربي نفسه أمام مأزق سياسي وإعلامي مزدوج: داخليا، يواجه تحدي إقناع الرأي العام الذي صُنع له وهم "الاعتراف الأممي" بأن الأمر لا يعدو كونه تأويلا إعلاميا، وخارجيا، عليه تبرير استغلاله المفرط للمنابر الدولية في تمرير قراءة مغلوطة لقرار لا يمنحه ما يدّعيه.


 وهكذا تحولت الحملة التي أرادها المخزن تتويجا دبلوماسيا إلى دليل جديد على محدودية تأثيره داخل مجلس الأمن، وعلى أن القوة الناعمة لا يمكن أن تحل محل القوة القانونية


في المقابل، خرجت الجزائر من هذه الجولة أكثر رسوخا في مبدئها الثابت: الدفاع عن حق تقرير المصير كقاعدة غير قابلة للمساومة.


 وبفضل مواقفها الصلبة، تم الحفاظ على جوهر القضية ضمن خانة تصفية الاستعمار، رغم كل الضغوط والمناورات


والدرس الأوضح من هذه التطورات أن الدبلوماسية المبنية على التضليل الإعلامي لا تصنع الشرعية، وأن محاولات "تسييس القانون الدولي" لا تدوم طويلا أمام إرادة الشعوب وصرامة النصوص الأممية.


 فالقرارات لا تُكتب في مكاتب العلاقات العامة، بل تُصاغ في ميزان العدالة والحق، وهنا فشل النظام المغربي في انتزاع اعتراف لم تمنحه له الأمم المتحدة منذ نصف قرن، ولن تمنحه له بيانات مغلوطة أو خطابات استعراضية مهما كانت نبرتها

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

قبول البوليساريو لمبدأ الحكم الداتي

 . ..في الصحراء، سيخلق مشاكل عويضة للدولة المغربية المناطق المتمتعة بالحكم الداتي ببلجيكا الحكم الذاتي نظام سياسي وإداري واقتصادي يحصل فيه إ...