.
قراءة بين السطور
الكل يتساءل اليوم عن سر قرار قبول المقاومة الفلسطينية للمقترح الأمريكي الصهيوني الهادف إلى وقف لاطلاق النار مع إسرائيل، في الوقت الدي لم يلبي هدا المقترح ماكانت تطالب به حماس سابقا
من المؤكد أن هدا المقترح الدي قبلت به المقاومة لايأتي بأية ضمانة تكمن في الانسحاب الكامل للجيش الصهيوني من المناطق المحتلة من غزة كما لاينص بتاتا على عدم استئناف الاعتداءات الصهيونية بعد المدة الزمنية، اي ستين يوما، لهده الهدنة
علما ايضا أن حماس وباقي الفصائل الفلسطينية كانت قد رفضت مند شهور اقتراحات وورقات سابقة رفضت ضمنها إسرائيل منح هده الضمانات
فماذا تغير اليوم كي تقبل المقاومة بشروط أمريكا وإسرائيل المتعلقة بهده الهدنة المسمومة؟
قبل الإجابة على هدا السؤال، تجدر الإشارة إلى أن الاتفاق الحالي سيسمح بدخول المساعدات الإنسانية عبر معبر رفح، اي برا إلى غزة، دون عرقلة من طرف جيش الكيان الصهيوني وان إسرائيل ستفرج على مئات الأسرى الفلسطينيين القابعين في سجون الاحتلال مقابل تحرير محتجزين صهاينة لدى المقاومة الفلسطينية
علما أيضا ان المقاومة الفلسطينية تعلم علم اليقين ان تقديم ضمانات مكتوبة من إسرائيل بعدم العودة إلى القتال لاتساوي ثمن الحبر الدي ستكتب به وان الكيان، بدعم أمريكي مطلق ولامشروط سيستأنف اعتداءاته ضد الفلسطينيين سواء وقعت المقاومة او لم توقع اتفاقا يحتوي على ضمانات لإنهاء هده الاعتداءات
اما الإجابة على السؤال الكبير والجوهري المتعلق بقبول المقاومة بهدا الاتفاق الخالي من اية ضمانة، عدا إعطاء مهلة ستين يوما للطرفين من أجل إدخال المساعدات والافراج عن رهائن فلسطينيين وصهاينة، هده الإجابة تكمن في الرؤية الاستراتيجية الخارقة للمقاومة الفلسطينية للمكيدة التي نصبتها لها البلدان الغربية التي تعتزم منتصف شهر شتمبر المقبل اعترافها بدولة فلسطين أثناء انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك
هده الدول الغربية التي أعلنت نيتها الاعتراف بدولة محمود عباس صرحت ايضا ان قرارها مشروط بعدم حدوث تطور واختراق لافتين ينهيان الاعمال العدائية بين إسرائيل والفلسطينيين وإحداث انفراج في قضية تحرير الأسرى الصهاينة من طرف المقاومة
بالتالي لم يكن التزام بلدان الغرب كبريطانيا وفرنسا وأستراليا وغيرها من بلدان القارة العجوز قرارا خاليا من الشروط وغير متردد
فقبول المقاومة بشروط إسرائيل لوقف الأعمال القتالية بغزة يأتي في إطار استيعاب المقاومة للخطر الدي سيشكله الاعتراف بدولة منكوبة وغير قابلة للحياة من طرف الدول النافدة عبر العالم، اعتراف لن يغير شيئا من الوضع الاستعماري والاحتلالي المفروض على أرض فلسطين المغتصبة
بل سيضع المقاومة الفلسطينية في حالة حرجة إن هي لن تقبل بالتخلي عن كفاحها المسلح بعد كل ماقدمه الشعب الفلسطيني من تضحيات جسام على طريق النضال والصمود
كما أن هده المقاومة تعي كل الوعي ان الاعتراف بدولة تندرج ضمن اتفاقية اوصلو الفاشلة والتي انتجت حكومة عباس الخائنة، ستجرد المقاومة من كل ماتملكه من سند ودعم شعبي، فلسطينيا وعالميا
لدا، ووعيا منها بهدا الفخ الصهيو - غربي الهادف إلى نسف شرعيتها وضرب أهدافها الاستراتيجية المتمثلة في تحرير كل شبر من الأرض الفلسطينية المحتلة، قررت المقاومة قبول هده "الصفقة - المكيدة" للحيلولة دون التصويت بالامم المتحدة من طرف الدول الغربية للاعتراف بدولة وهمية منزوعة السلاح والسيادة، دولة لاحاضر ولا مستقبل لها، خاضعة لكل ماتريده منها إسرائيل
وهي تعي، هده المقاومة، ان اختيارها بقبول هده الهدنة الدي سيؤدي حتما إلى تراجع البلدان الغربية عن وعودها بالاعتراف بدولة غير قابلة للحياة، سيكون في صالح البرنامج الاستراتيجي البعيد المدى، القاضي باستمرار كفاح الشعب الفلسطيني، مهما تطلب دلك من تضحيات ودماء، حتى الوصول إلى تحرير الإنسان والأرض الفلسطينيين
المقاومة الفلسطينية تعي جيدا ان قبولها لصفقة هدنة مؤقتة لاتمنحها اية ضمانات بعدم تكرار الاعتداءات الصهيونية، الا ان كل فصائل الكفاح المسلح تعلم أيضا ان جيش الاحتلال الصهيوني منهك كثيرا، خاصة فيما يتعلق باقتحامه عبر البر، الأراضي الفلسطينية، وان مواجهته وتكبيده خسائر فادحة في الأرواح والعتاد امر متاح لمجاهدي فصائل هده المقاومة
كما أن الفلسطينيين يراهنون على تفكيك الجبهة الداخلية للكيان التي أصبحت قاب قوسين من مواجهة عنيفة بين مكوناتها بل إلى حرب اهلية
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire